الجمعة، 5 يوليو 2013

الانقلاب في مصر ... مسار ومصير


 

 

كتب حسين نورالدين

nourddin4@hotmail.com

تابعت الجماهير العربية باهتمام بالغ نشاط الشارعين المصريين الموالي والمعارض لحكم الاخوان المسلمين. وانشغلت الالسن بالدعاء لمصر ان تنجو من فتنة اهلية . عام واحد من الاخوان كان كافيا لتبديل مزاج شرائح كبيرة في المجتمع المصري . فضلا عن تبدل مزاج انظمة رعت رحيل الرئيس حسني مبارك والموجة الاسلامية العارمة التي اوصلت الرئيس محمد مرسي الى الحكم .

لا شك ان "الشبق" الاخواني للسلطة ساهم في صياغة ردات الفعل الكبيرة على حكمهم .فالتوظيفات التي لجؤوا اليها من خلال عزل وتعيين المئات من المسؤولين ، فضلا عن التصريحات والتصريحات النافية ، اضافة الى فضيحة المؤتمر السري العلني والتدخل بالقضاء وغيرها العشرات من المخالفات ، كلها ساهمت في تعجيل مثول حكم الاخوان امام السلطان الاميركي الذي وجه الضربة القاضية .

ان اقصاء هذه الحركة لعقود وقتل قادتها وسجنهم لم يكن كافيا لان يدخلوا الى المجتمع المصري من بوابة الدين . اصلا ان المصريين شعب متدين وليسوا بحاجة الى تنظير عليه من باب الجلابيب واللحى والتكفير والتطرف ( وان سار ركب كبير في هذا السياق ) .

حزب النور السلفي بدأ بتمييز موقفه قبيل ايام من التطورات الاخيرة ونزول الشارعين . وزير الدفاع الاميركي تشاك عاغل كان على اتصال بوزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي شيخ الازهر الشريف احمد الطيب وبابا الاقباط تواضروس الثالث حضرا اجتماعا مع السيسي من باب الاطلاع على ما سيحدث والموافقة عليه . وفي ظل ظروف دولية سانحة للاعب الاميركي الاوحد ، مرت الحركة العسكرية بسلاسة.

ضجت وسائل اعلام عديدة حتى ساعات الفجر بالاحتفالات في التحرير ومدينة الاسكندرية وغيرها .وحدها قناة الجزيرة غردت خارج السرب وتقبلت العزاء وفتحت الهواء لمن بقي من حزب العدالة والحرية ، وسط تهنئة عاجلة بعد منتصف الليل من العاهل السعودي اوضحت المسار المقبل من الاحداث.

لماذا فك الاميركيون حلفهم التاريخي مع الاخوان المسلمين ؟ وبهذه السرعة ؟ وفي هذا التوقيت؟ ادناه محاولة لتحليل الموقف .

لم تمتلك قيادات الاخوان المسلمين اي حس مرهف لتوقع المقبل من الاحداث . فهم مزودون بجرعاتالثقة بالنفس وقلة الخبرة السياسية (على عكس ما يدعون) ، اظلتهم اصوات ميدان العدوية فلم يسمعوا ما يحدث في كل الساحات الاخرى . سنحت للمرشد كما للرئيس مرسي فرص عديدة لتدارك الموقف ، فما كان من الاخير الا ان قلد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في ردوده الصلفة على حركة "تقسيم". لكن مصر تختلف جذريا عن تركيا وهذا ما لم يدركه قادة "الاخوان" . بل تسلح هؤلاء بموافقة غربية على مجيئهم الى السلطة بانتخابات ما بعد ثورة 25 فبراير . ومع اعلان القوات المسلحة مهلة 48 ساعة لانهاء الازمة او التدخل ، دخلت مصر عهدا جديدا ، ولم تنتظر انقضاء المهلة . فهذه الفترة غير كافية لاي اتفاقات وما هي الا الوقت اللازم لتنفيذ التعبئة العامة العسكريةتحسبا للمقبل من الايام .

ظهر مرسي بعد اعلان تعليق الدستور من خلال تسجيل فقير يفتقد حتى الى البعد الفني الادنى . ظهر مستنجدا الحشود في استغاثة اخيرة لم تنفعه بشيء . من الجهة الاخرى بدا الرئيس الاميركي باراك اوباما في اخبث مواقفه . فهو يحذر من مما يحدث ولكنه يؤيد الاستجابة للجماهير .هو لا يرفض لانه صنع الحدث ، وهو يؤيد خلع الحركة الاسلامية عن عرشها الذي اسأت استخدامه .كذلك جاءت المواقف الاوروبية تباعا ، بعضها رافض لكن مستكين الى ما حصل .

عول الاميركيون على تحول الاخوان المسلمين الى حركة سلطوية تنضوي تحتها جماعات اسلاميةمجاورة تنهج نحو التسوية مع اسرائيل وضمان امن الكيان المحتل . لكن ما لم يرده الاميركيون هوان تتحول مصر ( انطلاقا من سيناء) الى قاعدة سلفية متطرفة تعتمد على تكفير الاخر (رفع متظاهرو ميدان رابعة القرآن الكريم بوجه الاخرين) .

السذاجة الكبيرة التي ادار بها الاخوان البلاد لم تبق لهم من صديق بالرغم من فرصة ذهبية لبلورة ما نادوا به من ايام الاستاذين حسن البنا وسيد قطب . فهم لم ينجحوا داخليا في طمأنة الاطراف المعارضة كذلك لم ينجحوا في ادارة اي ملف خارجي . الملف الاثيوبي دليل على الخفة التي تعامل بها الرئيس مرسي مع الامر الذي وصل الى تهديد بالحرب قبل اي اتصال بالدولة الجارة ، الامر الذي استدعى ردا محرجا من الجيش المصري على رئيسه .

لا شك ان الشريك السعودي والراعي العربي لما حصل ، مهتم بابقاء دوره هو الطاغي ، بعيدا عن مشاغبات قطر الداعمة الاولى للاخوان المسلمين في الخارج . ولا بد من النظر الى الانزعاج الاماراتي من دور قطر الذي تجلى في عدم المساومة على ملف شبكة الاخوان التي القي القبض عليها وحوكمت مؤخرا . ان ما حصل في مصر سيلقى صداه على الحركات المقاتلة في سوريا وعلى السياسة الدولية حيالها . فمع انتفاء امكانية عقد جنيف 2 للحل السياسي ومع منع السلاح المتطور عن المعارضة خوفا من وقوعه بايدي "جبهة النصرة " ومع تقدم الجيش السوري في مناطق عدة ، فان سوريا ستكون ميدانا لمناوشات دائمة وحرب استنزاف مستمرة لكن مع تراجع للدور القطري والتركي فيها . فالولايات المتحدة ترفض بأي شكل ان تغامر بفوز حركات متطرفة على الارض ، بالقدر الذي ترفض فيه بقاء نظام الاسد . لكنها وبفعل الموقف الروسي قد تجد نفسها مضطرة لتقديم تنازل سياسي كبير هو الاول لروسيا منذ عقود .

ما حصل في مصر درس للحركات الاسلامية في العالم العربي والاسلامي ككل . فالتطرف في الاحكام كما التفريط بالقضايا من خلال الارتهان للخارج دربان لا يبصران افق . شكرا شمعون بيريز كانت البداية وخفة الحكم انهت القصة ، فالاخوان لم يصوموا في القاهرة ولا افطروا في تونس . ارتقبوا بقية المشهد.

As-Safir Newspaper - علي هاشم : دول ما بين المرشدَين: ماذا بين «الإخوان» وإيران؟

علي هاشم
في اللحظة التي أعلن فيها نائب الرئيس المصري الراحل عمر سليمان تنحي حسني مبارك عن رئاسة مصر، بدت طهران كمن لم تسعها الفرحة. لحظة تاريخية دفعت بالمرشد الأعلى للثورة الإسلامية السيد علي خامنئي لإطلاق صفة «الصحوة الإسلامية» على الحراك الذي كانت درة تاجه الثورة المصرية.
يومها ألقى خامنئي خطاباً بالعربية، استذكر فيه الشيخ حسن البنا والرئيس الراحل جمال عبد الناصر سوية. كان الظن، كل الظن في طهران، أن صفحة جديدة ستفتح بين القوميين والإسلاميين، وكان الهم حينها، أي مصر ستتمخض عنها الثورة؟ والهم الأكبر ماذا عن فلسطين؟.
بدا شبه محسوم أن «الإخوان المسلمين» سيسيطرون على الحكم بالرغم من اتباعهم سياسة الانكفاء عن التصدي لدور القائد للثورة المصرية.
يقول أحد الإيرانيين المتابعين بدقة للشأن المصري، إن شدة حرص «الإخوان» على عدم استفزاز المجتمع الدولي كان السبب في زهدهم بداية في السلطة. ربما هنا بدأ الخطأ الإخواني في التعاطي مع الثورة يتجلى، «تقية سياسية» مورست في غير مكانها، فأفقدت «الإخوان» حق أخوّة الثورة وأبوّتها، وبالتالي لم يكن مشهد تنحيتهم عن الحكم بعد عام فقط من استلامه غريباً جداً.
بقية المقالة على موقع السفير....

الاثنين، 1 يوليو 2013

سقوط الإخوان وشيطنة "الإسلام الحركي"



يوم وصل "الإخوان المسلمون" إلى الحكم في مصر إحتفلت الأمة الإسلامية ببدء مرحلة جديدة في تاريخها. كانت الحركات الإسلامية على إمتداد الأمة تتحدث عن ربيع إسلامي سيطيح بكل الرواسب العفنة للإستعمار، بل وسيحيي الآمال بإستعادة فلسطين مجددا وتحرير المسجد الأقصى. جميع من يصح فيهم الوصف بأنهم جزء من حالة "الإسلام الحركي" تقاطروا إلى القاهرة في مشهد قورن بتقاطر الحركات الإسلامية يوما إلى طهران بعد إنتصار الثورة الإسلامية هناك.
حكمَ الإخوان مصر بعد إثنين وثمانين عاما من النضال بين المعتقلات والمنافي، لا بل ان الرئيس الإخواني الجديد كان قبل سنة و بضعة أشهر من إعتلائه الكرسي معتقلا لدى نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. حكمَ الإخوان مصر بعد إنتخابات مشهودة حازوا فيها الأغلبية وهزموا في دورتها النهائية رئيس وزراء النظام السابق احمد شفيق بشق الأنفس، ليحتفل المصريون بطوي آخر صفحات الثورة.
كان جليا للمتابع ان هناك من لم يرض بالإخوان حاكما لمصر، وكان جليا ايضا ان الإخوان لم يكونوا قادرين لوحدهم على حكمها، لكنهم كابروا، فتراكمت رغم قصر المدة المشاكل، وزادوا إلى طينهم بلة أنهم تخلوا عن بعض ثوابتهم تحديدا تجاه أميركا وإسرائيل. كانت الحركات الليبرالية واليسارية المصرية تستفيد من اخطاء الجماعة وتبني عليها لإثبات ان ما كان يقال عن ان الإخوان إنتهازيون ومرتبطون بالخارج هو امر واقع وان الشعارات التي كانت ترفع على سلالم نقابة الصحافة المصرية خلال الإعتصامات عن خدمة الشعب ونهضة الفقراء ومواجهة أميركا وإسرائيل لم تكن سوى مطية للوصول إلى الحكم.
لم تساعد الظروف الإخوان كثيرا، ولم يساعدوا هم أنفسهم، فتدهورت الأوضاع الداخلية في البلاد حتى وصلت دركا غير مسبقو، وهم لبرهة ظنوا أنهم في مرحلة التمكين يحق لهم فعل أي شيء، بما في ذلك الإستمرار في سياسة النظام السابق تجاه أميركا وإسرائيل. لم يعوا ان واحدة من اساسيات مشروعيتهم تلك المواقف التي تربوا عليها وتبنوها وإستشهد المئات منهم من اجلها، وهنا كانت الخطيئة التي ساهمت في توطيد دعائم مشروع كبير ممتد الفروع، عنوانه "شيطنة الإسلام الحركي".
قبل سنوات قليلة كان في الأمة إجماع على ان جماعات "الإسلام الحركي"، لا سيما منها تلك التي إنخرطت في العمل النضالي، هي الوحيدة التي أتقنت مواجهة الإستكبار وصاحبة اليد الطولى في هزيمة إسرائيل في فلسطين ولبنان، وأميركا في العراق وأفغانستان. ولسنوات واجهت هذه الجماعات حروبا مختلفة سياسية وعسكرية وضغوطات مالية وإجتماعية لكن ذلك لم يثنيها عن الإستمرار في معركتها. لم يطل الأمر حتى بدأت هذه الحركة بمواجهة حالات داخلية في أوطانها أدخلتها في صراعات مناطقية وعشائرية وطائفية، جردتها بداية من بعض إمتداداتها داخل مجتمعاتها. ليتطور الأمر شيئا فشيء ولتتواجه هذه الحركات وليصبح بعضها عدوا لبعض.
لعل من نافل القول الإشارة إلى ان الحركات الإسلامية فشلت حقا في بناء علاقة طويلة الأمد بالمجتمعات التي نشأت فيها. البعض فشل عندما حاول تعميم نموذجه بتسرع، والبعض الآخر عندما وقع في أفخاخ وضعتها له قوى ودول تريد له الفشل والسقوط، بل وتريد لهذا السقوط ان يكون مدويا. الأمثلة كثيرة بتعدد الحركات الإسلامية في عالمنا العربي، تمتد من المغرب إلى عمان، لكن الأمثلة الأبرز للحالة التي نعيشها تتمركز في تونس ومصر وفلسطين ولبنان. والأهم ان ما كان يجمع الحركات الإسلامية في هذه البلاد قبل عامين تقريبا تخطى تحالف المصالح، او تقارب الأرضيات المشتركة، ليتكرس أخوة الدم كما بين حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين وحزب الله اللبناني، بين الحركة التي تعتبر إمتدادا لحركة الإخوان المسلمين السنية والحركة التي تحمل عقيدة الولي الفقيه الشيعية.
خلال العقد الماضي نجح حزب الله في تحرير جنوب لبنان عام 2000 وتحرير أسرى لبنانيين في السجون الإسرائيلية كما في هزيمة إسرائيل في العام 2006، كذلك حماس نجحت في تحرير قطاع غزة من إسرائيل عام 2005 وإخراج مئات الأسرى الفلسطينيين بعد أسر جندي إسرائيلي وإفشال الحرب الإسرائيلية عام 2009. ميزان إنجازات كبير لكلا الحركتين جعلهما بالنسبة لملايين العرب مضرب المثل ومثارا للإعجاب. اهم إنجاز خارج إطار ما ذكرناه ان حماس وحزب الله قدما للعالم العربي والإسلامي دليلا واضحا على انه بالإمكان إسقاط إسرائيل وهزيمتها وإن بسلاح عادي. كان النموذج يوما بعد يوم يتحول إلى حالة مخيفة لكل من إسرائيل وأميركيا وحلفائهم في المنطقة، لذا كان لا بد من إسقاط النموذج ليذوب الدليل بإسقاطه وتعود الأمور مجددا إلى المربع الأول.
هكذا كان، إذ ان الأزمة السورية حولت الدماء التي جمعت حماس وحزب الله إلى ما يشبه الماء، وأضحى كل منهما في خندق مواجه للآخر. لم يكن أكثر المتفائلين إسرائيليا او أميركيا يتوقع هذا المصير، لكنه حصل، بغض النظر عن المسؤوليات ومن يتحملها بينهما. وبدأت تسمع في أروقة هذا الفصيل وذاك إتهامات غير مسبوقة. فجأة تذكر الجميع انهم مختلفون وانهم لا يشبهون بعضهم البعض. ساهمت في تزكية ذلك دول ووسائل إعلام إختارت طرفا في وجه طرف، والأمر لا ينحصر بحزب الله وحماس بل يتعداهما إلى الكثير من الحركات والأحزاب الإسلامية التي ظهرت فجأة إختلافاتها على غير قضية وغير موضوع.

إذا بغض النظر عن الأخطاء التي أرتكبت هناك من يساهم في عملية شيطنة الإسلاميين، وبعضهم يساهم في هذه العملية بقصد او من دون قصد من اجل إظهار خصمه او منافسه كمتشدد او إنتهازي او مجرم، ظنا منه انه سيكون الرابح من هذه الصورة، لكن الحقيقة المرة ان الرابح الأول والأخير هو عدو الإسلاميين على إختلاف توجهاتهم، الرابح هو من يريد القول ان الإسلام لا يصلح لقيادة المجتمع وان المشكلة ليست في التطبيق بل في عين المبدأ.

Al-Mayadeeen Feeds