الاثنين، 8 سبتمبر 2014

رعاع الجمهورية ـ علي هاشم

في لبنان حالة غضب نتيجة ذبح جنود الجيش والإبقاء على عدد آخر منهم في الأسر، النتيجة اعتداءات على عمال ولاجئين سوريين. ليست هذه المرة الأولى التي يدفع فيها المواطن السوري في لبنان ثمن أحداث لها علاقة بالبلدين، سبق هذا مسلل متعدد الحلقات بدأ قديما. الحوادث الأقرب التفجيرات التي طالت احياء في الضاحية الجنوبية واختطاف مجموعة من الزوار في حلب والأبعد إغتيال الرئيس رفيق الحريري. بعض الاعتداءات أدت الى مقتل عدد من السوريين تحديدا تلك التي تلت اغتيال الحريري، وبعضها الآخر أدى الى عمليات خطف وضرب.
لماذا ينحى بعض اللبنانيين بإتجاه الإنتقام من السوريين؟ سؤال يتردد اليوم في اكثر من مكان والجواب مرتبط بمنظومة كاملة. هي منظومة اعلامية سياسية ثقافية تنفث بقصد وبغيره في النار المشتعلة لدى فئات الشعب تجاه السوريين ولحظة الانفجار تتراجع لتندد. هذا الشارع المحتقن وفرق الرعاع هم دون أدنى شك نتيجة هذه المنظومة غير المسؤولة التي تكرر فعلتها عند كل مفترق خطر. هل يعلم القارئ ان نسبة غير قليلة ممن تعرضوا للاعتداء خلال الأيام القليلة الماضية هم من الشيعة والعلوبين السوريين ومن الموالين للنظام، الانتقام عشوائي لكي لا يتنطح البعض كما ظهر لي ووضعه في الاطار الطائفي...الرعاع لا يفرقون، همهم أن يضعوا يدهم على فريسة، وحتى فترة اغتيال الحريري كانت نسبة وازنة من الضحايا من السنة، علها من المرات النادرة التي لا يفرز فيها الدماغ اللبناني طائفيا.
بالنسبة لما جرى خلال الأيام الماضية ولا زال...الرعاع يتوهمون انه بذلك ينتقمون والحقيقة انهم يساهمون في ما تسعى له داعش. هؤلاء المعتدى عليهم من السوريين بعضهم عانى من داعش وبعضهم له ثارات معها، هؤلاء ضحايا والانتقام لا يكون من الضحية بل من القاتل. الجنود الذين تريدون الانتقام لهم قتلوا على الحدود، وقاتلهم قد يكون لبنانيا او سوريا او عراقيا، لكنه اختار ان يحمل "جنسية" داعش، وداعش هذه لن يقلقها راحتها قتل سوري او تعذيبه او قطع طريق باطارات مشتعلة ام اغلاق اوتوستراد، هي قطعا يسعدها ذلك وتشكر الفاعل. داعش التي تخطف الجنود تريد ان تتحول القضية من حادثة وحدت اللبنانيين خلف الجيش الى حادثة تمعن في الشرخ الداخلي ومع السوريين، هي تريد ان تذبح الجنود وهي فعلت والأهم أن تعلم أن #جنون_الرعاع سيجعلها تذبح المزيد دون تعاطف او تفاعل من أحد. من يريد الانتقام ودمه حامي ورأسه مشتعل و قلبه ميت فليرينا بطولاته هناك حيث داعش لا هنا وهو يدخن نرجيلته ويتمايل على انغام اليسا، من يريد الإنتقام يوحد بلاده ومن فيها من ضيوف خلف قضيته ويحولها لقضية رأي عام ويضغط على سفارات الدول التي لها علاقة بداعش، من يريد الانتقام لا يغلق الطرق على المواطنين ويمنع مرور العمال السوريين ويعطل الحياة ويضرب مصالح الناس لأن كل ما سبق ليس سوى #جنون_الرعاع.
بعض شباننا للأمانة مريض نفسيا ويحتاج لعلاج حقيقي من لوثات الحرب الأهلية والزعرنة اللامحدودة التي لن ينتج عنها سوى شتم والديه، طبعا الحل لا يكون كما حدث اليوم بظهور مبارك لدولة رئيس حكومة تصريف الأعمال تمام سلام بل بتحرك جدي ينهي المهزلة من اساسها. بالمناسبة الدولة اللبنانية هي جزء اصيل في مسلسل #جنون_الرعاع هي اساسا أم الرعاع وسيدتهم ومشجعتهم...بنوابها ووزرائها وكل من فيها، دولة الرعاع هذه تربي أجيال الشبيحة والنصابين والقتلة على أسسها، كيف لا ووزرائها ونوابها أرباب التشبيح والنصب والقتل، ولا يقول لي فلان من الناس لا تعمم، من وضع نفسه موضع الشبهة فلا يلومن من أساء الظن به، من يغطي الفساد فاسد ومن يغطي القتل قاتل. كارتيلات المهربين وتجار المخدرات الكبار تخرجوا من هذه الدولة، وتجار السلاح وأمراء الحرب الذين دمروا البلاد حكموها ولا زالوا. لا يمكن فهم حالة رعاع الشارع الا اذا فهمنا وأفهمنا العالم من حولنا حقيقة رعاع الجمهورية وليأتي من يحاسبني ويوقفني غدا، من يشبح على المستثمرين ليأخذ حصصا بدون حق في مشاريعهم بحجة حمايتهم من الرعاع ومن يمرر صفقات فاسدة من الرعاع ومن يغطي المجرمين، جمهورية الرعاع تحرق الدواليب على طريقتها وتعتدي على الناس على طريقتها وتشبح على الفلسطيني والسوري على طريقتها، لا فرق اذا.
في جمهورية الرعاع إقطاع إشتراكي وإقطاع إسلامي وإقطاع ليبرالي وإقطاع طائفي، يختلفون في كل شيء لكنهم متفانون في حماية وجود بعضهم، كل يوم يأتي من يعريهم ويكشف سوأتهم، لكن بالله عليكم ماذا تقول العاهرة ان وصفتها بالعاهرة، هم كذلك لا يعنيهم الأمر ولأنهم يتفنون في الفساد نقلوا تجاربهم العظيمة الى كل مرافق الدولة، أصبح الفساد هرميا، يصعد من القاعدة الى الرأس والجميع سعيد. هكذا أضحى الموظف الصغير معنيا بان يتقاضى الرشوة ليبقى في مكانه عبر دفع خوة لمن هو أعلى منه وهكذا حتى رؤوس الهرم والشعب يعلم..اسوأ ما فينا اننا نعلم ولا نية لدى أحد حتى لوضع ورقة بيضاء في الصندوق... الشعب أدمن كوكايين السياسة ويريد المزيد.

في لبنان وصلت الى قناعة بأن الحرية ليست في قول ما تريده، الكلاب تقول ما تريده وتنبح، الحرية أن تكون قادرا على المحاسبة والتغيير، الحرية حقا في ان تعرف حقوقك وواجباتك وتلاحقها وتحرص على القيام بما يتوجب عليك...الفرق بين لبنان وجيرانه ان لبنان لا يوجد فيه جمارك على الكلام بينما من حولنا يجمركون كل كلمة، لكننا نقول ولا قدرة لنا للفعل. شخصيا نادم جدا على خطوتي ترك بريطانيا والعودة الى لبنان للاستقرار قبل اربع سنوات...كان قرارا غبيا بكل ما للكلمة من معنى...

Al-Mayadeeen Feeds