الثلاثاء، 28 يناير 2014

As-Safir Newspaper - علي هاشم: أردوغان في طهران اليوم








تعج طهران بالضيوف، رئيس برلمان كوريا الجنوبية، وفد الحكماء، وزير الخارجية الروسي الأسبق سيرغي أيفانوف، ولكن الزيارة الأهم تبقى في ظل الظروف الإقليمية والثنائية القائمة، زيارة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الذي يصل إلى طهران اليوم، على رأس وفد سياسي واقتصادي ضخم للبحث في سبل تطوير العلاقة إلى ما هو أهم من التبادل التجاري الذي يتعدى العشرين مليار دولار والتعاون الأمني والسياسي القائم إلى ما يوصف بالتعاون الإستراتيجي.
يأتي أردوغان، وعين الإيرانيين اليمنى تنظر إلى جنيف لمعرفة مآل المفاوضات التي يخوضها الحليف السوري مع خصمه المعارض آملا بوضع حد لإراقة الدماء، والعين اليسرى تترقب تطورات المنطقة بأسرها من العراق إلى لبنان واليمن، وحتى ما يجري في تركيا.
باختصار، يلتقي الإيرانيون والأتراك وكلاهما إلى الآخر أحوج، والقصة هنا لا تحصر بكونها سياسية أو عسكرية أو اقتصادية، إنما الثلاثة معاً، لاسيما وأن البلدين يواجهان كلاً على حدة، الحملة ذاتها التي تستهدف دورهما في المنطقة.
لن تكون زيارة أردوغان زيارة عادية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، فالرجل كان هنا قبل عام، ولولا الأزمة السورية لكانت الأمور بينه وبين الإيرانيين في أفضل أحوالها.
لم تهتز أسس العلاقة، بيد أن الاختلاف حينها، والتهديدات التي كانت تتخذ من تركيا منصة إطلاق بما في ذلك قضية نشر "الباتريوت"، دفعت بأردوغان نفسه للتوجه إلى طهران للقاء المرشد الأعلى السيد علي خامنئي، الذي لم يجده حينها في طهران، فتوجه في إثره إلى مدينة مشهد (800 كيلومتر من طهران) برفقة زوجته آمنة وابنته سمية.
حينها قال أردوغان للسيد خامنئي إن النظام في دمشق سيسقط لا محالة، والأفضل لإيران أن ترفع عنها دعمها وألا تخاطر باستقرار طهران وعلاقتها بمحيطها من أجل نظام متهاوٍ. رد المرشد جاء مختصراً وهادئاً، "أعيدوا النظر في موقفكم ونحن في انتظاركم، والنظام باقٍ".
أشهر قليلة، ورد وفد إيراني رفيع المستوى الزيارة، حاملاً رسالة من الجهات العليا الإيرانية، وكان الأتراك في مرحلة التفكير والوضع الميداني في حال تغير جذري لصالح النظام.
عندها، ولدى السؤال ما إذا كانوا قد أعادوا النظر في موقفهم، رد الأتراك بأن الدولة الفاصلة بين تركيا وبقية العالم العربي أصبحت كلها في الكفة الإيرانية، فكيف تتخلى هي عن بارقة أمل لها في سوريا، الجواب الإيراني مجدداً كان "أعيدوا النظر في موقفكم ونحن في انتظاركم".
لم تنقطع العلاقة بين أنقرة وطهران، واستمرت بالرغم من كل شيء، بل إنها كانت تتطور في كل ما ليس له علاقة بالملف السوري. وحتى سورياً، ظل التعاون في حده الأدنى في إطار تسهيل كل طرف لآخر عمليات إطلاق المعتقلين والتنسيقات الأمنية المرتبطة بالأمن القومي لكلا البلدين.
وهكذا بقيت الأمور تجري بشكل بطيء، لكنها كانت تأخذ طهران وأنقرة خطوة بعد خطوة باتجاه التقارب ومن ثم التوافق، هي كما يقول أحد صناع القرار في طهران عملية طويلة لكنها ليست بالمستحيلة، تتطلب نية ومرونة وكلاهما لدى الأتراك موجود، لكن طهران أيضاً مرنة ولديها نية الالتقاء، فهل تكون زيارة أردوغان إلى طهران بعد كل هذا الانتظار، مفتاحاً لمفاجأة تغير الاتجاه، بل وتصدم الكثيرين.

الثلاثاء، 21 يناير 2014

As-Safir Newspaper - علي هاشم: يد «جنيف 2» لا تصفق بلا إيران







كان لا بد من جنازة لـ«جنيف 2»، يقول أحد المتابعين للشأن السوري في طهران، التي رسمت كي تصل بمشروع التسوية السياسية في سوريا إلى القبر المناسب قبل أن تدب في بقية الجسد الحياة.
لا ترى طهران في ما وقع عجباً، فهي اعتادت ألا تثق إلا بقدراتها، وهي تدرك أنها منذ البداية لو سلمت في كثير من المسائل، لما كانت اليوم في حال كحالها.
ولعل هذا الذي دفعها وسوريا وروسيا إلى وضع خريطة طريق منفصلة عن «جنيف 2»، تهدف إلى تسخير الوضع الميداني، وما أمكن من خطوط ارتباط مع المعارضة المسلحة في الميدان، لعقد تفاهمات نقطوية تمهد في مرحلة لاحقة لما هو أهم وأعم، لاسيما وأن الوضع الميداني للنظام السوري وحلفائه يزداد قوة يوماً بعد يوم في مناطق لم يكن يحلم قبل أشهر قليلة في أن يكون له فيها موطئ قدم.
الحقيقة أن طهران على قناعة ثابتة أن «جنيف 2» هو في صالح المعارضة بشكل كبير، فالمستحيل ميدانياً ستحصل عليه على طاولة المفاوضات، بل وما لا تملكه حقيقة على الأرض سيسمح لها بالتفاوض عليه، أملاً من الرعاة بتحقيق إنجاز حقيقي يمكن أن يسخر لاحقاً في السياسة، وأن يستعيض عن التراجعات الميدانية بتقدم على الجبهة السياسية، بالإمكان تقديمه كنصر سياسي يؤمن للدول الداعمة للمعارضة مخرجاً سهلاً من الأزمة السورية، ويمكن أن يبنى على مقتضاه الكثير.
لكن ما تراه طهران يبدو غير مرئي لدى المعارضة ومن يدعمها، فهؤلاء رفضوا حضور إيران لقناعتهم أن الجمهورية الإسلامية حاضرة بقوة على الأرض السورية، وأن الجلوس مع الإيرانيين على طاولة مفاوضات واحدة هو كمقارعة الحاوي أو الساحر بلعبته التي لا يجيد غيرها، بل إن مجالسة طهران تبدو أصعب على المعارضة من مجالسة النظام، وهو ما يعكس برأي الإيرانيين مدى التزام المعارضة بالتوجيهات السعودية التي ترفض أي دور إيراني في أي حل، إن كان ممكناً، كي تمنع على جارة الخليج والخصم الفارسي المتجدد فرصة المشاركة في رسم حدود اللعبة الجديدة وتثبيت قواعد الاشتباك التي ستحكم المنطقة لسنوات مقبلة.
لكن طهران تقرأ في هذا الذي تفترضه ضيق أفق، إذ أن الوقائع الميدانية تشير إلى تقدم المحور الذي تقوده في المنطقة على حساب المحور الآخر بقيادة العربية السعودية، بل إن مقبوليتها الدولية ونظرة الغرب لدورها أكثر إيجابية من تلك التي لدى الطرف الآخر، لاسيما مع الصور اليومية للمجازر وعمليات قطع الرؤوس والتقاتل في المعسكر الواحد، ومحاولات فرض إسلام جديد دموي مكان الإسلام المعتدل الرحيم، وهذا ما يجد رفضاً له حتى داخل البيت الواحد.
مجدداً تقف طهران عند محطة مؤتمر «جنيف 2» الذي ترى أنه يحتاجها أكثر مما تحتاجه، وأن وجودها فيه عنصر قوة له لا يزيد إلى قوتها الكثير. بل هي ترى أن المؤتمر من غيرها كرقصة التانغو من دون شريك، وكالتصفيق بيد واحدة، وفي الحالتين لا التانغو ترقص فرادى ولا اليد الواحدة على التصفيق قادرة.



Al-Mayadeeen Feeds