الاثنين، 22 أبريل 2013

مصحف الشيعة وقرآن السنة !



قد لا أكون الأنسب علما للحديث في قضية إختلف عليها كبار علماء الأمة، لكن لا يضر ان ادلو بدلوي طالما ان ما سأقوله لن يرقى مهما كان لمستوى السموم التي يبثها بعض مربي اللحى ومعتمري العمائم. لن ادخل في إثبات او نفي حوادث تاريخية لم يصل اهل التأريخ فيها إلى حل يفضى إلى إجماع أمة إحترفت الخلاف ولا أقول هنا فن الخلاف.
كثيرة هي القضايا التي يختلف عليها الشيعة والسنة، لكنها تبقى دون التوحيد والنبوة والقرآن والحج والحساب، او على الأقل هذا ما اعتقده. الله جل جلاله ربي، والإسلامي ديني، ومحمد نبيي، والقرآن كتابي، والكعبة قبلتي. نعم أخي السني، السلفي، الوهابي، الخ...انا وغيري من الشيعة نؤمن بالله الواحد الأحد الفرد الصمد إلها واحدا لم يلد ولم يلد ولم يكن له كفوا احد. كما اننا نؤمن بأن محمد(ص) خاتم الأنبياء والمرسلين خير البشر الصادق الامين، وان جبريل لم يته يوم نزّل التنزيل، وانه كان يقصد محمد (ص) لا إبن عمه وربيبه علي بن أبي طالب. نؤمن بأن القرآن الكريم هو كتاب منزل محفوظ من اي تحريف، وأي كلام يدعي البعض انه قيل على لسان علماء شيعة في يوم من الأيام ليس سوى ضلال مبين، ضلال لناقل الكلام إن كان إدعاه دون دليل، وضلال لصاحب الفتوى إن فتى يوما بهذا الكلام، فلا إجتهاد على نص، والنص الإلهي القرآني واضح بيّن جلي (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(الحجر)، حتى ان كتب القرآن التي في بيوتنا والله على ما أقوله شهيد، معظمها طبعت في المملكة العربية السعودية، لا بل أزيدكم من الشعر بيتا، انا شخصيا لم أسمع بقضية المصحف الشيعي الخاص، او ما يسمى بمصحف فاطمة، إلا من بعض الإخوة السنة لدى سؤالهم إياي عن القضية. فوجئت حينها خاصة أني من الملتزمين دينيا، فكيف امارس ديني دون ان اعرف بكتابي الخاص الذي يختلف عن كتاب المسلمين. إستفقت من مفاجئتي وتوجهت لسؤال شيوخ الطائفة عن كتابنا الآخر، السري، المخفي، المستور، الذي لا يعرف به احد اللهم إلا بعض الأصدقاء من غير مذهبي، لا بل وإن صدق كلامهم قد يكونون من غير ديني، إذا اني سأكون أدين بدين غير دينهم وإن كنا نتفق على بعض المشتركات. الحمدلله اكد لي شيوخ الطائفة وعلماؤها وكل من وجهت إليه السؤال من اهل علم وعمل ان هذا الكلام باطل وهو مجرد تهمة يرمى بها الشيعة من قبل البعض، للأمانة أردت الإطمئنان اكثر، فالعلماء والمراجع وأهل العلم قد تفوتهم بعض حقائق دينهم، فذهبت إلى جدتي وسألتها عن مصحفنا الحقيقي، فاعطتني القرآن، اعدت طلب مصحفنا الحقيقي الذي قد يكون مخفيا في مكتبة هنا او صندوق هناك للتوارثه الأجيال، خاصة اننا عائلة سادة اي اننا من عتاة التشيع، كادت الحاجة ان تصفعني وانا أشرح لها، "شو كفرت؟" سألتني الحاجة وانا أجزم انها في تلك اللحظة تمنت لو اني لم الد. إذا لكي لا أطيل الكلام، لا قرآن خاص بالشيعة، او على الأقل شيوخ الطائفة وعوامها لا يقولون به، وهو غائب عن ممارساتهم الدينية اليومية والموسمية، القرآن الوحيد الموجود هو القرآن الكريم بالطبعة السعودية، اللهم إلا إذا كان المقصود بمصحف فاطمة تلك الطبعة السعودية التي نقتنيها جميعا.
في مسألة الصلاة أيضا لا خلاف يذكر، اللهم إلا ان الشيعة يؤخرون الصلاة لربع ساعة من اجل الإحتياط الشرعي، وبعض المراجع قضى بإسقاط الإحتياط. قد يسأل سائل ماذا عن ذكر ولاية علي بن أبي طالب في الآذان، أقول هنا ان الأمر ليس جزءا من الآذان إنما يقال إستحبابا، ولعل في هذا إختلاف عن بقية المسلمين لا يمكنني ان انفيه. للإختصار، الصوم هو الصوم، والحج هو الحج، هناك إختلاف بصراحة لست مطلع عليه في قضية الخمس والزكاة.
إذا في الأصول لا خلاف، بل إقتراب إلى مستوى التطابق، مع بعض الفروقات الصغيرة التي قد تظهر بين مذاهب السنة الأربعة، وبين الشيعة أنفسهم على إختلاف مراجع التقليد لديهم، فهذا يقول بكذا وذاك يقول بذا، إختلاف في التأويل والإستنباط لا يفسد في الود قضية. أين الخلاف إذا؟
الشيعة لديهم زواج المتعة، لكنه لما لا يعتقد به يبقى من غير أصول الدين او فروعه، اي ان الإعتقاد بهذا الأمر لا يسقط إسلام امرئ، وعدم الإعتقاد به كذلك لا يعني ان الشخص خارج عن الملة. الشيعة يؤمنون بالمهدي المتنظر، لكن ألا يؤمن السنة به، ألا يعتقدون بظهور شخص في آخر الزمان يحمل إسم النبي وكنيته كما في الكثير من الروايات التي إتفق عليها الشيعة والسنة، ربما الخلاف الوحيد في هذه النقطة ان الشيعة يعتقدون بأن المهدي حي منذ ألف عام أو اكثر، والسنة يقولون بأنه سيولد في الزمن الذي سيظهر فيه. بغض النظر عن الخلاف الزمني بين المذهبين، يبقى ان فكرة الظهور في آخر الزمان مشتركة، اكان المهدي قادما من زمن غابر ام إبن الجيل الذي سيظهر فيه، وهذا لا أظن ان فيه واحد بالمئة من الخلاف الذي بين اليهود والمسيحيين حول المسيح، فاليهود يعتقدون بأن النبي عيسى هو المسيح الدجال وان المسيح الحقيقي سيظهر في آخر الزمان، لكنهم مع ذلك لم يصلوا في إختلافهم إلى ما وصلنا إليه رغم ان ما يجمعهم قليل، لا بل يكاد يكون غير موجود.
أين الخلاف العقائدي، هل هو التقية، نعم الشيعة يتهمون بالتقية، لكن ما هي التقية، وأين تجوز تقية؟ لعل الواضح في عصرنا هذا ان الشيعة ما عادوا أهل تقية، لا سيما وانهم أصبحوا أصحاب قوة وسلطة في كثير من بقاع المسلمين، لكن التقية لا زالت تمارس لكن من غير الشيعة....أو لم تستفد الحركات الإسلامية التي تهاجم الشيعة اليوم على إختلافها من التقية في تعاطيها مع الأنظمة خلال حقبة سياسية ما. ألم يمارس الإخوان المسلمون التقية بشكل من أشكالها في علاقتهم مع نظام حسني مبارك، إذا فالتقية ليست محصورة بالشيعة بل هي نوع من المهادنة المرتبطة بفقه الأولويات، او بأمن المكلف حيث يكون في موضع قد يتعرض فيه لنوع من الخطر.
لا شك ان الخلاف على قضية الخلافة والولاية هو أساس الإفتراق بين الجمعين، فالسنة قالوا بالخلافة الراشدة التي بدأت بأبو بكر الصديق ومرت بعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وإختممت بعلي بن أبي طالب. أما الشيعة فيقلون بحق علي في ان يكون أول الخلفاء وان أولاده واحفاده هم الأحق بخلافته. لا يمكن لمعتدل شيعي او سني ان ينفي هذا الإفتراق المهم في التاريخ الإسلامي. لكن هل الإختلاف على التاريخ يجيز تكفير هذا أو ذاك.
هنا يخرج من يقول ان الشيعة يسبون ويلعنون صحابة الرسول وبعض امهات المؤمنين، حقا! هل يفعل الشيعة كلهم هذا الأمر، هل يشبه هذا مثلا ان نقول ان السنة يبررون ليزيد بن معاوية قتل الإمام الحسين في كربلاء؟ طبعا لا يجوز التعميم أكان في تصرف بعض الشيعة وفي تبرير بعض السنة. بالنسبة للعن والسب وما إليه، ربما على اولئك الذين يجهدون في البحث عن شتائم قلة من الشيعة للسنة، ان يبحثوا أيضا في فتاوى كبار علماء الشيعة، آيات الله، خامنائي، سيستاني، فضل الله، وغيرهم ممن حرّم بشكل واضح وجلي وبيّن السب واللعن والتعرض لأمهات المؤمنين والصحابة. هذه الفتاوى لم تصدر بالأمس بل قبل سنوات، وهي تجدد كل عام لا لأن الشيعة لم تصلهم هذه الفتاوى، بل لأن البعض ممن يجيدون النكأ في الجراح يستمرون في الكلام عن هذه القضية دون ادنى إشارة إلى ما قامت به المراجع الشيعية. فكما لا يمكنني أن أناقش السني العادي بأفكار بعض عتاة الوهابية والسلفية، لا يمكن ان يجابه الشيعي بأفعال بعض عتاة الشيعة ممن لا يتبعون إجماع الطائفة والمذهب.
بإختصار، ما يجمعنا كثير، والكلام ليس للإستهلاك، ما بيننا رب ونبي وكتاب وقبلة، ما بيننا لغة وثقافة وتاريخ ووحدة، ما بيننا يحتاج غيرنا منه القليل ليصبحوا أمة....أولسنا أحق بأن نكون الأمة...



ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds