الاثنين، 4 مايو 2009

قناة روسيا اليوم : نظرة الى الشرق جديرة بالمتابعة


الصحافي حسين نورالدين nourddin4@hotmail.com

عندما تتكلم روسيا عن تفكك الولايات المتحدة وانتظارها لهذا الحدث ، وعندما تتحدث بلغة التودد الى العرب في عصر سيطرت فيه سياسة القوة ، فلا بد انك تتابع قناة روسيا اليوم.

يتبين للمتابع لهذه القناة التي انطلقت قبل نحو سنتين ، انه امام تجربة جديدة للاعلام تقوم فيها موسكو بالانفتاح على العالم العربي . لا يأتي هذا الانفتاح بطريقة استعلائية بل على العكس بما ينم عن اهتمام بمخاطبة المشاهد العربي والاهتمام بجذبه .

تقوم برامج القناة باكثرها على المواد المسجلة مسبقا والتي تقدم بدوبلاج متقن الى اللغة العربية. فالمقدمون كلهم مما يتقنون العربية ويستضيفون الضيوف الروس ليصار الى عملية الدوبلاج فيما بعد . وفيما لم نجد تجربة اعلامية غربية ، يتوجه فيها مقدمون غربيون باللغة العربية الى المشاهدين ، فاننا نجد مقدمين روس ممن تعلموا اللغة العربية ( مثل مقدم برنامج بانوراما) يتوجهون مباشرة الى المشاهد العربي.

تحرص القناة على ابراز عراقة الحضارة الروسية ، من حيث عمق التاريخ والاثار الموجودة والثقافة الروسية . تتم هذه العملية من خلال برامج تتحدث عن الكتاب الروس ومن خلال تغطية المعارض التراثية مثل مسرح الدمى الروسي (الاعرق في العالم ) وايضا معارض الرسم والنحت وصناعة الالعاب.

وللوثائقيات طعم خاص على هذه القناة ، وبالرغم من تميزها بالبساطة في الانتاج ، فانها تحوي مخزونا علميا هاما ، فهي تحرص على العودة بالتاريخ الى مرحلة سيطرة المسلمين على جنوب الامبراطورية الروسية فيقدم برنامج خاص حول هذا الموضوع. يتقصد معدو البرامج الوثائقية ابراز حجم المكتبات في روسيا وما تكتنزه من مخطوطات تخص العالم العربي والاسلامي، فيصور المقدم وهو يقرأ في الكتب النفيسة موضحا تاريخها وفي ذلك اشارة الى سهولة الولوج الى المعلومات الروسية ، فهي تنتظر النظرة من المهتمين فقط .

وفي عهد الانبهار بالعالم الغربي ، تقدم قناة روسيا اليوم ، برنامج "مشاهدات" ، وهو يتحدث عن مواطن عربي يقيم في موسكو منذ زمن ، فيتحدث عن العادات الروسية والمناسبات وسهولة الاندماج في المجتمع الروسي ، دون اي تضخيم .

وفيما خص القضية الفلسطينية ، تتخذ القناة موقفا ايجابيا منها ، فهي لا تتورع عن انتقاد الانحياز الغربي والاعتداءات الاسرائيلية ، حتى انها دخلت الى عمق المجتمع الاسرائيلي ، مستفيدة من التجمعات الروسية التي تعيش في اسرائيل ( ليس من اليهود الروس) ، فهي تظهر قضايا هذه المجموعة وما تتعرض له من المستوطنين من ممارسات التمييز على اساس الدين ، فالروس هم مسيحيون من المذهب الارثوذكسي.

ان تجربة قناة روسيا اليوم وان كانت تحتاج لبعض التعديلات ، هي تجربة تسعى لتوجيه بوصلة المشاهد العربي نحو الشرق الغني بالحضارات ولفته الى عواصم عديدة ومدن لم تعتدها الاذن العربية ، من دربند الى دوشنبه وتبليسي وغيرها من الاماكن ، فضلا عن تركيزها على الحضارات الشرقية من الروسية الى الفارسية والهندية .

لطالما غابت اخبار هذه الزاوية من العالم عن العالم ، وهو ما تحاول قناة روسيا اليوم تعويضه في قالب سلس من البرامج التي لا ترتكز على السياسة بقدر ما ترتكز على الثقافة الممنهجة التي تمارسها الماكينة الاعلامية الروسية، وفيما يهدف الى تغيير الصورة النمطية التي خلقها الغرب وكرست صورة  الروس كطابور من الفقراء ينتظر المعونات الغذائية.

فتظهر القناة التطور العلمي في روسيا ، من ناحية الطب والتكنولوجيا والصناعات العسكرية . فتظهر صور العاصمة موسكو بابراجها التي لم تألفها العين العربية وتقدم المقابلات مع علماء روس حذروا من انفلونزا الخنازير منذ اربع سنوات ، وتقدم البرامج التي تتكلم عن الثقافة الروسية التي تقاوم العولمة، فيتحدث العلماء الروس عن حضارة عمرها مئات السنين، في حين يتحدثون عن الولايات المتحدة التي تتكلم عن مشاكل الشذوذ الجنسي ، في وقت يطالب بعض سياسيها بتقسيم الولايات الى اربع بلدان  .

 تحتاج القناة الى تطوير انتاجها الوثائقي ، حتى لا تظل مقتصرة في تغطية ساعات البث على الاعادة ، وتطوير الاداء لمقدميها من ناحية اللغة العربية لكنها بكل بالتاكيد تستحق المتابعة والاضافة الى لائحة قنواتنا التلفزيونية.

 





" Upgrade to Internet Explorer 8 Optimised for MSN. " Download Now

ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds