الاثنين، 25 مايو 2009

سعد الحريري من "زي ما هي" إلى مرحلة ما بعد إنقراض المستقبل





الصحافي حسين نورالدين nourddin4@hotmail.com



تؤرقني لهجة النائب سعد الحريري ، لم استطع اليوم قبل انهاء هذا المقال ، نعم تؤرقني فأنا لا ابرح اكتب عنها ، فلا تملوا كتاباتي ولكن تمعنوا فيها ماذا يمكن ان تعني في المستقبل .


لا اعني تيار المستقبل ولكن افترضوا لو ان ذكر الحريري غاب في غياهب التاريخ، هل جربتم يوما ان تبحثوا على الانترنت عن سرجون الاكادي ، او بالاحرى عن طريقة كلامه وادائه امام الناس .


بالتأكيد لن تجدوا شيئا ، فأحدا لم يهتم بأن يكتب عن هذا الموضوع ، لان معارك هذا الرجل اهم بكثير من طريقة نطقه والمصطلحات التي يستعملها .


ولما كان سعد الحريري بالطبع لا يمتلك اي مآثر تاريخية ولا فتوحات ولا من يحزنون سوى ايام يعدها هو ورفاقه .


ومن هذا الباب وجدت انه من الضروري ان اوثق للنائب الحريري مصطلحاته العظيمة التي تضج باللغة العربية من كل صوب ، ولا تحيد عن مبادىء الاخطل العربي ، وحسون الوادي وغيرهم من الشعراء .


تخيلوا باحثا في العام 2200 م ، وهو يستعمل الانترنت الفائق السرعة بقدرة التفكير ، ويضع بحثا عنوانه سعد الحريري .


ما هي احتمالات نجاح بحثه ، بالتأكيد ضئيلة .


انظروا كيف تعاطى التاريخ مع اسكندر ذو القرنين . روايات وقصص واساطير وبعض الاخبار الصحيحة ، بالرغم من ان هذا القائد غزا العالم في وقته .


وبالطبع فان مقارنة بين النائب الحريري والاسكندر تظهر عجز الاول عن مجاراة التاريخ .


ولنعد الى باحثنا العظيم في 2200 م ولنفترض انه باحث موضوعي ، لعله سيعثر بين البيانات على مقالي هذا ولعله سيترجمه الى اللغة العالمية التي ستكون سائدة ائنذاك مستعينا ببعض الخبراء .


ما اعظم ان يعلم ذلك الباحث ان حملة الحريري كلها تقوم على كلمة "زي ما هي " ، كلمة عظيمة بحق ، تستحق التاريخ .


ماذا لو سأل هذا الباحث عن اللغة التي كان يتحدث بها الحريري ، فيعرف انها العربية ، ثم يسأل عن البلد الذي عاش فيه ، فيقال له انه كان نائبا في البرلمان اللبناني وهو بلد صغير يقع في قلب الامبراطورية العالمية التي ستكون في ذلك الزمان .


ويكمل باحثنا الموضوعي مستبحرا حول اللهجات ، والمصطلحات المستخدمة في كل لهجة في هذا العالم العربي السابق . بالتأكيد مرة جديدة ، تختلف عن التأكيد السابق ، لن يعثر على "زي ما هي ".


ولشدة تفاجئه سيعثر على المصطلح في اللهجة المصرية والسعودية وهما دولتان اندثرتا باكرا، الاولى نتيجة تفشي العلاقات المثلية فانقرض النسل ، والثانية بعد سحابة دخانية من الاراكيل اودت بحياة الملايين في المعادي والزمالك والقاهرة .


هل تعرفون ما الذي سيستنجه هذا الباحث الصديق (ان كان مواليا لقوى الثامن من اذار) ، سيستنتج ان الحريري كان اما سعوديا او مصريا تربى في لبنان واخذ الجنسية كبيرا.


ما اعظم "زي ما هي " المستقبلية فهي ستخلصنا من هذا العظيم الحريري ، وهي سترحل عن لهجتنا الجميلة ، وتنقل الى قاموس اللهجات البائدة . تخيلوا معي ما اجمل العالم من دون "زي ما هي ".


نظمت عدة جمعيات مصرية تظاهرات في العاصمة المصرية في العام 2090 بعد ان علموا مخاطر "زي ما هي " ، اما المجتمع المدني في السعودي فتيقن من اندثاره المستقبلي ولم يعر القضية اي اهتمام .


هناك تعليق واحد:

guest يقول...

"متل" بدلاً من "زي"!

حازم الأمين ، الجمعة 5 حزيران 2009




تقدم الحملة الإعلانية للتيار العوني نموذجاً أو عيّنة اختبار للوعي الذي يسعى التيار الى التعبير عنه، وهو أمر على كل حال منسحب على معظم الحملات التي يشهدها الموسم الانتخابي في لبنان.

إختار "التيار" الرد على شعار حملة "المستقبل" المتمثل بعبارة "زي ما هيي" عبر تبنيه عبارة "متل ما هيي"، والجملتان، المستقبلية والعونية تحثان الناخب على الاقتراع للائحة كاملة من دون تبديل أسماء مرشحين بآخرين ثمة من يرغب في انتخابهم. والجملتان أيضاً تخاطبان ضمناً المؤيدين الذين تفترض الماكينتان الانتخابيتان انهم سيقترعون لخياريهما، مع احتمال أن يساورهم ميل لتبديل أسماء بأخرى.

وعبارة التيار العوني كونها أعقبت عبارة المستقبل، هي بمثابة اعتراض عليها، تماماً كما اعترضت القوات اللبنانية على شعار "كوني جميلة وانتخبي" بعبارة "كوني متساوية وانتخبي". لكن العبارة المعترِضة تبنت تماماً العبارة المُعترَض عليها. "متل ما هيي" رداً على "زي ما هيي"، تبنٍ كامل للمعنى! اذاً ما الذي يبقى من مضمون الاعتراض؟

فالاعتراض على دعوة "زي ما هيي" كان من الممكن ان يكون شرعياً لما تتضمنه من دعوة للناخب الى عدم الاكتراث لأسماء المرشحين، وحثه على عدم الاختيار والمفاضلة، والانصياع الى رغبة اللائحة في عدم "التشطيب". لم يكن هذا مضمون الاعتراض العوني على "زي ما هيي".

العونيون يعترضون على كلمة "زي" ويُقدمون عليها "متل"، معتقدين ان للثانية "شرعية وطنية"، فيما يرفضون الأولى بصفتها ليست من مادة منطوقهم، وهم بذلك يطردون مدينة بأكملها من "جنة لبنانهم". فـ "زي" عبارة صيداوية يتداولها كل أبناء عاصمة الجنوب، والاعتراض العوني في هذه الحال يرقى الى مستوى الاعتراض على ما يتعدى السياسة الى قاموس العبارات المحلية، وهو ما يقارب العنصرية اللغوية على الأقل.

في احسن الأحوال قد يكون الجهل باللسان الصيداوي وراء هذه الحماقة، ولكن لهذا الجهل دلالة سياسية أيضاً تتمثل في ان "العونية" وأثناء سعيها الى التقدم في تمثيل اللبنانيين لم تبذل جهداً في التعرف عليهم، وثمة مدن ومناطق وطوائف بأكملها ليست راغبة في التعرف عليها، على رغم ان لها فيها حلفاء. علماً ان هذا الاحتمال (الجهل بلهجة أهل صيدا) يفترض ان "المستقبل" استورد كلمة "زي" من مصر أو السعودية، ولكن ذلك الجهل لا يلغي شوفينية وراءه، اذ ان التزمت في اللهجات هو من سمات الجماعات المقفلة والمأزومة، واعتراض "متل" على "زي" ليس اعتراضاً على نظام سياسي، ولا على خيار اجتماعي، انه اعتراض غير واعٍ على جوهر ثقافي.

أما في أسوأ الأحوال، فتذكرنا الفعلة العونية المتمثلة باستبدال "زي" بـ "متل" بذلك الميل الإقصائي المقيم فيها أصلاً، والذي يحاكي ويذكر بحقيقة رفض أنظمة في المنطقة ثقافات جماعاتها، وفرضها لغات ولهجات وأسماء شوارع ومدناً على المجتمعات المحلية. وفي هذه الحال ما الذي يضمن للصيداوي في حال فاز عون في الانتخابات ان لا يأتي من يطلب منه الخضوع لتأهيل "لغوي" بهدف تنقية لسانه من "شوائب" يعتقد العونيون بضرورتها!

Al-Mayadeeen Feeds