السبت، 18 أبريل 2015

لا تحرقوا الجسور! #علي_هاشم @alihashem_tv



علي هاشم
ما أشبه هذه الأيام بزمن إحتضار الدولة العباسية، مع فارق أن التنازع على الخريطة الجديدة وقوده دويلات وجماعات وخلفه محاور كبرى تسعى في صراعها لوضع توقيعها على مشهد النهاية لهذه الجولة من جولات صراع التاريخ الذي لا ينتهي.

 قد يبدو الصراع لمن يريد تقزيمه طائفيا، بين أمة السنة العربية وإمبراطورية الشيعة الفارسية، ولعل ما يضعه في هذا الإطار الخطاب المستخدم من الجانبين والذي يستدعي من أمهات كتب التاريخ حوادث وأخبارا ويسقطها على ما نحن عليه اليوم، فجأة يخرج عمر بن الخطاب ليواجه علي بن أبي طالب، والدولة الأموية تقفز من قرونها الأولى لتتصدى لدولة الصفويين في زمن آخر، كلاهما في عصرنا.
الواقع إن قلب هذا الصراع سياسي بحت، يدور حول خيارات سياسية لا تمت للدين بصلة، ربما هو الجلد السميك من الطائفية الذي يخدع العامة ويغرقهم في أحقاد يتوارثوها عبر الأجيال بينما للمفارقة، بعض المتصارعين يتحاورون تحت الطاولات ومعنيون ببقاء بعض خصومهم لأن الحسم النهائي سيعني سقوط دول تشكل سواتر ترابية أمام حالات أكثر خطورة قد تظهر في الفوضى.
نحن اليوم، لمن لا يدري، نشهد كتابة التاريخ الذي سيُـدّرس في القرن القادم لأحفادنا، ومن يدري كيف ستكون الخريطة حينها، و أي جنسيات سيحملون، فقبل قرن فقط كنا تحت تاج السلطنة العثمانية، وبعدها تحت الانتداب، أي أن خرائط المنطقة مرنة أمام التغييرات فهي لم تتوقف عن ذلك طيلة ما مضى، ولن تتوقف.
حروب اليمن وسوريا والعراق وليبيا، والصراع الإيراني العربي، والتجاذب الأميركي الروسي الصيني، أضف صراع الحركات الإسلامية الذي يحتاج لوحده إعادة نظر جدية في فقه الجهاد وشرائط التكفير، كل هذا لن ينتهي، سيقتل الآلاف خلال السنوات القادمة على حد السكين الذي يقطع أوصال الأمة، هؤلاء سيرسمون بدمائهم خريطة الشرق الاوسط الجديد، لكن أسماءهم ستندثر مع الخطوط التي ستمحى.
تذكروا أيضا انه قبل 70 سنة فقط كانت هناك ممالك في مصر وسوريا والعراق واليمن، لم يبق منها شيء وملوكها قفز فوقهم التاريخ، قبل 5 سنوات فقط، كان هناك مبارك وبن علي وصالح والقذافي وحكم الأسد وآل خليفة كتن مستقرا، ماذا لدينا اليوم؟ التغييرات سريعة، والكل قابل للسقوط.
 ليس هناك صداقات دائمة أو عداوات دائمة إنما مصالح دائمة، هناك مبدئيون وهناك متسلقون، الجميع تحكمه المصالح الكبرى في النهاية. كثر لن يعجبهم القول بأن المصالح تحكم العلاقات، ومن هو في محور الخصوم اليوم ربما يكون صديقا غداً، كثيرة هي الأمثلة، وليست بعيدة، سنوات قليلة ماضية، الحروب طريق سريع للتسويات، من أمثلة المصالح والتحالفات، صدام حسين كان حليفا للولايات المتحدة خلال حربه على إيران، تورط أو وُرط في الكويت ودخل بعدها في النفق المظلم، إيران حتى قبل سنوات لم تكن تقبل بلقاء مباشر مع الولايات المتحدة، اليوم لقاء وزراء الخارجية أصبح أمرا طبيعيا، العالم يتغير و الخطوط الحمراء، خارج المنطقة، كوبا وأميركا، هناك الكثير، ما أود قوله كل شيء يتغير ولذلك يجب أن لا نقبل بإقفال النوافذ بيننا. 
وجهة نظري أن هناك حاجة للبدء في كسر الإصطفافات الحديدية، هذا هو الكفيل بإبقاء الدم يجري في الجسد الذي تتصارع أطرافه، كسر الإصطفاف سيبقينا أحياء، ولا أقصد كأفراد، إنما كشعوب متجاورة من المحيط إلى الخليج، فنحن شئنا أم أبينا مطالبون بعدم الإستسلام للجسور المحروقة، لا بد من مساحة نصنعها لنا وسط كل هذا الرصاص.
في مكان ما لا بد أن أعترف أن الإعلام وأهل المهنة ساهموا بشكل كبير في قطع خطوط الحوار، وهذا مستمر، حتى الإصطفاف الإعلامي مطلوب أن يكسركسر الإصطفاف الإعلامي سيمهد لشيء كبير، هو بحد ذاته بوابة للحوار، لكن من يجرؤ على ذلك؟!
 نعم وسط الحرب سوف يوصف كلامي بالترف الفكري والتنظير الذي لا معنى له، لكني مقتنع أنه ممكن ولذلك أنا أمارسه وأسعد به ومستعد لدفع حياتي لتكريسه.

ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds