الجمعة، 7 أغسطس 2009

الغرب يريد «خطوات نووية» للاعتـراف برئاسـة نجـاد





علي هاشم
طهران : كثيرون سمعوا كلام الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بعد أدائه اليمين الدستورية في مجلس الشورى. قلة فقط ربما انتبهت الى تعبيرات الرجل القاسية التي وجهها للغرب. البعض وجد فيها استكمالاً لخطابات


«النسخة الاولى» من نجاد، في الولاية السابقة، لكن البعض الآخر توقف عندها ليسبر خفاياها ويكشف ما بين سطورها.
الكلام موجّه للخارج، لكنه قطعاً لم يكن يمثل رد فعل على التصريحات الغربية المباشرة حول إرسال بطاقات تهنئة. علاقات الدول لا تبنى بهذه الطريقة. ولا تورد الإبل بهذا الشكل في الدبلوماسية العالمية. القصة مغايرة.
يقول مصدر مطلع في طهران ان رسائل غربية عديدة وجهت الى الرئيس الإيراني في الفترة التي فصلت بين انتخابه ويوم تنصيبه، مفادها ان الوضع الجديد في إيران يستلزم تبديلا في خطة العمل، والتفاوض اليوم بين الإيرانيين والغرب حول الملف النووي، لا يمكن أن تكون في مقابله ملفات إقليمية كبرى، ولا يمكن للإيرانيين بعد اليوم «ان يضغطوا على الغرب للاعتراف بمقاومتي فلسطين ولبنان، في مقابل خطوات إيجابية في الملف النووي».
الدول الغربية الكبرى، بحسب المصدر، وجدت في الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية في ايران، فرصة سانحة للضغط على نجاد، ومن خلفه على الجمهورية الإسلامية، ظناً ان الرئيس يرضخ لضغط مماثل. والعرض المقدم والمرفوض أصلاً من قبل الإيرانيين هو، خطوات إيجابية إيرانية في الملف النووي، في مقابل الاعتراف برئاسة نجاد.
المعادلة بالنسبة للغربيين ربما بسهولة نطقها، لكنها بالنسبة للإيرانيين تشكل نوعاً من التحدي، وأي تحدي؟! ولذا خرج الرئيس ناطقاً بكلمات نارية ضمنها رفض المعادلة الجديدة: «الشعب الايراني لا يولي اي أهمية، لا الى غضبكم واستيائكم، ولا الى تهانيكم وابتساماتكم».
وفيما تبدو المرحلة المقبلة بالنسبة للرئيس الإيراني مقبلة على الكثير من التحديات الداخلية والخارجية، تؤكد مصادر مطلعة ان نجاد ما قبل الانتخابات، هو غيره بعدها، وأن البرنامج الذي طرحه للشعب خلال الحملة الانتخابية، أو خلال أداء اليمين، قابل للتنفيذ. لكن المصادر تشير في المقابل إلى الأهمية التي سيستمر الرئيس بمنحها للسياسة الخارجية «لا سيما وأن إيران أضحت قوة يحسب لها حساب في المنطقة والعالم»، ونظرا لمواصلة دعم نهج المقاومة في لبنان وفلسطين.
وبخصوص الملف العراقي، يبدو أن السياسة الإيرانية ستواصل دعمها للشرعية العراقية المتمثلة بحكومة نوري المالكي، لكن هذا لا يعني قطع العلاقة مع من لإيران علاقات تاريخية معهم ويمثلون شرائح أساسية في المجتمع العراقي.
بالشكل، قد تبدو الأمور مشابهة للأعوام الأربعة الماضية. لكن بالمضمون، يعد الرئيس الجديد بتغيير الأوضاع، لا النهج، وتحسين الأحوال، لا تغييرها، ويبقى على الإيرانيين ان يقيّموا في نهاية العهد الحالي ما إذا ترجمت البرامج أم لا. كما ان على من هم في الخارج وتؤثر فيهم السياسة الإيرانية، ان يراقبوا سياسة نجاد، ويبنوا على أساسها نظرتهم للسياسة الإيرانية.
وقد واصل الرئيس الايراني في بداية ولايته الثانية، سعيه لتشكيل حكومة خلال أسبوعين وعرضها على مجلس الشورى. وذكرت وكالة «مهر» شبه الرسمية ان نجاد قد يقترح توزير امرأة للمرة الاولى منذ الثورة الاسلامية في العام 1979. ويتردد في هذا السياق اسم النائبة السابقة مرضية وحيد دستجردي.
في هذا الوقت، قال رئيس مجلس الشورى علي لاريجاني، في لقاء مع أساتذة الجامعات الايرانية، إن «الأعداء ابدوا فرحتهم إزاء الخلافات التي نشبت في ايران، لكن الشعب الايراني لديه موقف موحد إزاء التدخلات الخارجية، وانه يتبع دوماً قيادته الرشيدة التي تحفظ الاستقرار والوحدة للبلاد».
وإذ حذر لاريجاني «من التفرقة الداخلية التي تمثل تهديداً حقيقياً للبلاد»، رأى انه «لا يمكن لأحد إلحاق الضرر بإيران بفعل يقظة الشعب وتمسكه بمبادئ الإسلام»، مشدداً على ان «ولاية الفقيه هي التي أحالت دون ظهور الدكتاتورية في ايران وتصدت للتحديات الخارجية».
واعتبر لاريجاني ان «الأعداء لديهم أهداف أخرى من وراء إبقاء هذه النار مشتعلة، وهي التقليل من مستوى تأثير ايران في المنطقة، والمشروع الأميركي بشأن القضية الفلسطينية يأتي ضمن هذا السياق». ورأى أن هذا المشروع «خيالي»، موضحاً ان «تأسيس دولة يهودية وتجنيس الفلسطينيين المشردين بجنسية البلدان التي يسكنونها، واعتبار القدس عاصمة، الى جانب تأسيس دولة فلسطينية أخرى ليست لها قدرات سياسية وعسكرية ولا وطنية وفي الوقت ذاته توحيد حركتي حماس وفتح، يعد ضرباً من الخيال».
وأكد رئيس مجلس الشورى ان الرئيس الاميركي باراك اوباما «يسعى بالدرجة الاولى من خلال طرحه لمشروعه الجديد الى إقامة علاقات بين الدول العربية واسرائيل، اي تطبيع العلاقات»، معتبرا ان هذا الأمر «يمثل كارثة ستطأ بأقدامها في خطوتها الأولى حقوق الشعب الفلسطيني».
من جهته، قال المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية مير حسين موسوي، إن أحداث ما بعد الانتخابات كشفت عن «الأزمة العميقة والمعقدة» التي تواجه المؤسسة الإيرانية. ونقل تلفزيون «برس تي في» عنه قوله خلال لقاء مع مجموعة من الشباب الايرانيين، انه «رغم نتائج الانتخابات والأحدات المريرة التي أعقبتها، إلا أنها أدّت إلى تحقيق إنجاز لا يقدر بثمن بالنسبة للأمة الإيرانية».
وحول محاكمة المشاركين في التظاهرات، قال موسوي إن «عمليات اعتقال رموز المعارضة والنشطاء لن تحول دون مواصلة حركة المعارضة لإعادة انتخاب نجاد». وأضاف «لقد لاحظت مولد شعور وطني قوي خلال مسار الانتخابات أدى الى تأسيس وحدة بين مختلف الجماعات فى المجتمع الايراني»، لافتاً الى «خطأ اعتقاد البعض ان القصة يمكن ان تنتهي برمتها بالقاء القبض على عدد من قيادات المعارضة، لأن الحقيقة الواضحة والراسخة ان تلك الحركة ستظل تنبض بالحياة».
في مقابل ذلك، قال المتحدث باسم المفوضية الاوروبية، امادو التافاج تارديو، ان المفوضية لم ولن ترسل تهنئة الى نجاد على فوزه في الانتخابات. ويتماشى موقف المفوضية مع موقف واشنطن. كما رفضت فرنسا وبريطانيا تهنئة الرئيس الإيراني على عودته الى السلطة، علماً أن سفراء أجانب، بينهم السفير البريطاني والفرنسي والسويدي، حضروا حفل تأدية نجاد اليمين الدستورية.
وفي نيويورك، أعلنت المتحدثة باسم الأمين العام للامم المتحدة ميشال مونتاس، أن الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون سيوجه برقية تهنئة إلى نجاد، موضحة ان انتخابه لولاية ثانية مصدّق عليه في البرقية «وبالطبع فإن هذا الإجراء والمعيار ينفذ من قبل المنظمة الدولية لرؤساء جميع الدول».
من جهة اخرى، ذكرت الشرطة الايرانية في بيان أن «عدداً من الموقوفين في أحداث 9 تموز نقلوا الى معتقل كهريزاك بسبب ضيق المكان في سجن ايوين، وهذا كان خطأ». وكان مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي «أمر بإغلاق» المعتقل، لأنه لا «يحترم المعايير اللازمة لاحترام حقوق المتهمين».
الى ذلك، قال الاتحاد الدولي للصحافيين إن رجالاً مسلحين داهموا مكاتب رابطة الصحافيين الإيرانيين في طهران وأغلقوها في وقت متأخر، امس الأول. كما دعا الاتحاد ايران لإطلاق سراح ما يصل الى 42 صحافياً معتقلين في الوقت الراهن.


ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds