الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

نجاد يدعو أوباما لمناظرة: لا مساومة على الحقوق النووية


علي هاشم
طهران ـ علي هاشم
أرادها الرئيس الإيراني مناسبة لرمي السهام والورود في أكثر من اتجاه، وهكذا كانت. من منبر حكومته المتنقل بين المحافظات، أطلق محمود أحمدي نجاد، في مدينة مشهد، سهامه المفرغة، عن قصد، من الحدة المعتادة نحو الغرب، من مجموعة الدول الست إلى الرئيس الأميركي باراك اوباما، الذي دعاه إلى مناظرة، وهو ما رأى فيه مراقبون ردا غير مباشر على الرسالة الاميركية إلى مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي قبل أيام.
أما الورود، فأمطر بها نجاد، في أول مؤتمر صحافي في الفترة الرئاسية الثانية، الشعب الإيراني، ونظام ولاية الفقيه، معتبرا أنه نموذج أنساني وأخلاقي للقيادة ويضمن مشارکة أفراد الشعب في إدارة شؤون البلاد. واعلن ان طهران ستقدم حلولا إنسانية وعادلة للخروج من المشاكل الحالية التي يواجهها المجتمع البشري، وانها «تمتلك حلولا علمية وإنسانية شفافة للمشاكل في افغانستان والعراق وفلسطين، وكذلك للازمة الاقتصادية العالمية».
نوويا، أكد نجاد ان رزمة المقترحات الايرانية الجديدة سيتم تقديمها الى مجموعة الدول الست، مشيرا الى ان هذه الرزمة «جاهزة وتم توجيه الدعوة الى مندوبي الدول الأعضاء في مجموعة 5+1 ليأتوا الى طهران من اجل تسلمها». كما أعدت رزمة مقترحات اخرى تنطوي على مواضيع متعددة، سيتم تقديمها الى دول اخرى، رافضا «التحاور حول حقوق ايران الطبيعية والمسلم بها».
لكن نجاد شدد على ان الحوار اذا استؤنف، يجب ان يتمحور حول أمرين
«الاول إتاحة الفرصة لجميع البلدان من اجل الاستفادة السلمية من الطاقة النووية النظيفة، والثاني بشأن الادارة الفاعلة للحيلولة دون انتشار الاسلحة النووية ونزع الاسلحة المحظورة في العالم»، مشددا على ان أساس الخلاف ليس حول الملف النووي، بل يتعلق بعداء اثنتين او ثلاث دول لايران.
وأشار الرئيس الإيراني إلى أن بلاده ستواصل تعاملها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وفق القوانين. لكن اذا تعرضت الوكالة للضغوط «فاننا سنقاوم ولن نساوم على حقنا القانوني»، مؤكدا ان طهران لن تسمح بأي تدخل في شؤونها. وأشار إلى ان «القوى التي احتكرت إدارة العالم لصالحها خلال اكثر من 60 عاما وصلت اليوم الى نهاية المطاف ويجب عليها تغيير أساليب تعاملها وإصلاحها»، مشددا على انه لا يمكن لأحد القيام بدوره المؤثر على صعيد إدارة العالم من دون الاهتمام بالكرامة الإنسانية وحقوق الشعب والعدالة.
وأكد نجاد انه سيشارك في اجتماع الجمعية العامة للامم المتحدة، في أيلول الحالي، معلنا انه مستعد للمناظرة والحوار مع اوباما امام وسائل الإعلام العالمية. وقال انه «من الآن فصاعدا فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تترك اي ميدان على الصعيد الدولي دون حضورها القاطع والمكثف والمؤثر». وذكر انه سيعقد في نيويورك «لقاءات مع الشعب الاميركي».
وبشأن مناظرته مع اوباما، أوضح نجاد «كنت قد اعلنت سابقا في عهد (الرئيس السابق جورج) بوش وأيضا في عهد اوباما، واعلن مرة اخرى انني مستعد للمناظرة أمام وسائل الإعلام بشأن القضايا العالمية»، مضيفا «اننا نرى ان هذا الأسلوب هو افضل أسلوب لتبيان وحل القضايا العالمية، لان عهد التحركات والمخططات والاتفاقات السرية لتحديد مصير العالم قد ولى». وقد ذكر مراقبون ان حديث نجاد عن المناظرة، يمثل ردا غير مباشر على رسالة الى خامنئي، ذكرت تقارير ان اوباما وجهها اليه قبل أيام.
ويتزامن إعلان نجاد مع اجتماع لمجلس محافظي الوكالة الذرية في فيينا، افتتحه المدير العام للوكالة محمد البرادعي بدفاع علني نادر عن أعمال التفتيش الجارية في ايران، في رد على تلميحات بأنه تستر على «دليل»، يقول منتقدوه في اسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا بشكل خاص، أنه يشير إلى ان هناك توجها سريا لدى طهران لتخصيب اليورانيوم من أجل «تصنيع أسلحة» نووية.
وقد أصرت باريس على القول ان تقرير الوكالة الذرية الاخير حول البرنامج النووي الايراني «لم يعكس» كافة المعلومات التي بحوزة الوكالة بهذا الشأن. وأعلنت مساعدة المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، ان بلادها تلقت من الوكالة الدولية للطاقة الذرية «ملخصا تقنيا مفتوحا موجها الى جميع الدول الأعضاء». واضافت «كل هذه المعلومات لا تعكس التقرير المقدم الى مجلس الحكام».
من جهة اخرى، وردا على سؤال حول العلاقات الايرانية العربية عقب الانتخابات، قال الرئيس الايراني «نحن نعتبر جميع الشعوب بمن فيها الشعوب العربية صديقة لنا، وتربطنا اليوم علاقات صداقة مع غالبية الدول العربية». وأوضح ان «حجم التبادل التجاري بين ايران والدول العربية كبير جدا وآخذ في التنامي»، معربا عن «ترحيبه» باقتراحات أمين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى حيال الحوار، و«مستبعدا أن يكون هناك بلد عربي قلق من تنامي قدرة ايران».
لكن نجاد تحدث عن «إيحاءات من الأعداء، وأداء وسائل الإعلام في بلدين عربيين كان سلبيا في الانتخابات، ونحن لا نضع عمل وسائل الإعلام المذكورة في حساب حكوماتها، الا ان لدينا عتبا ونأمل أن تعدل أسلوبها لأن وسائل الإعلام هذه تبنت مواقف أعداء ايران خلال فترة الانتخابات».
واعتبر الرئيس الايراني ان «الأداء السيئ» بين ايران ودول عربية «لا يمكن أن يستمر لأننا أخوان ولدينا مصالح وطنية وإقليمية وإنسانية مشتركة وأعداء مشتركون، وبالنسبة لايران لم تقم بأي عمل من شأنه أن يؤدي الى إيجاد عدم ارتياح». واضاف أنه «لو تعلن مصر، فإننا مستعدون اليوم لفتح سفارتنا في ذلك البلد».
وبعدما أنهى نجاد زيارته والوفد الحكومي المرافق الى مدينة مشهد، توجهوا إلى طهران حيث التقوا خامنئي، في وقت تحدث موقع «جهان» الإخباري عن توجه لدى نجاد لاقتراح توزير السيدة نسرين سلطانخواه لوزارة الضمان الاجتماعي والرفاه، بينما تحدثت تقارير اخرى عن نيته تعيين امرأة في منصب نائب الرئيس.
في الوضع الداخلي، أعلن نجاد أنه يملك «أدلة قاطعة» على أن الأحداث التي تلت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ارتكبها «مدسوسون»، مكرراً مطلبه بمحاكمة «قادة المشاغبين»، وذلك في وقت دعا رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، إلى تعزيز الوحدة والحفاظ على «الأجواء الهادئة».
والتقى نجاد وأعضاء حكومته مع مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي، الذي قال إن «هناك نقداً مدعوماً من الإعلام الأجنبي وهدفه التخريب والعرقلة، لكن هناك أيضاً النقد البنّاء الذي من الممكن أن يأتي من معارضي الحكومة، لكنه في ذات الوقت مفيد».

ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds