الأربعاء، 23 سبتمبر 2009

إيران نحو «إعادة رسم» للمشهد السياسي الداخلي

علي هاشم ـ طهران :
تتجه التطورات الداخلية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نحو «إعادة رسم» المشهد السياسي في البلاد، في ظل ما يشبه الإجماع بين القيادات الرئيسية، على فتح كوة في جدار الخلافات التي تفاقمت بعيد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي أدت إلى شحن الأجواء واشتعال حرب كلامية، تحديدا بين رئيس الجمهورية محمود أحمدي نجاد، ورئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني.
وقد عقد مجلس خبراء القيادة جلسته السادسة أمس، وهي التي كانت مقررة قبل شهر، للوقوف على «أوضاع البلاد» خلال الأشهر الستة الماضية، و«تعاطي» القيادة العليا، وعلى رأسها مرشد الجمهورية آية الله السيد علي خامنئي، مع الاستحقاقات التي واجهتها، وبينها الانتخابات الرئاسية في حزيران الماضي.
ولعل كلام رفسنجاني خلال اجتماع المجلس، الذي كان من المفترض ان يخوض انتخابات لاختيار رئيس جديد له، يفسر جزءا من الصورة التي يتم تداولها اليوم في أروقة السياسة الداخلية، حيث أكد على «ضرورة بحث السبل الكفيلة بتحقيق التضامن والانسجام بين شرائح المجتمع في إطار إرشادات المرشد»، مشددا في موازاة ذلك على «أهمية حفظ الوحدة في المرحلة الراهنة، والعمل على توفير كل ما يقويها، وإزالة كل ما يضعفها»، معلنا ان «بعض الأفراد المخلصين يعملون حاليا لإعداد آليات لتعميم حالة الانتقاد الصحيح والبناء في أجواء المجتمع من دون جر هذه الأجواء الى النزاع».
وأشاد الرئيس الايراني السابق الذي يشغل ايضا منصب رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام، بتصريحات خامنئي، معتبرا ان «العمل بتوصياته افضل سبيل لحل الاختلاف في الرؤى على صعيد الداخل». كما دعا الشعب الى توحيد الصف الداخلي امام «المؤامرات التي يحيكها الأعداء ووسائل الإعلام الداعمة لهم»، محذرا من «حجم المؤامرات والحرب النفسية التي تشن ضد ايران».
وتطرق رفسنجاني إلى عملية الاغتيال الاخيرة التي أودت بحياة الشيخ ماموستا شيخ الإسلام العضو في مجلس الخبراء. وقال «على المسؤولين كشف من وراء هذه الجريمة لان هكذا أحداث تؤثر بشكل كبير على الامن في البلاد». ورأى «إن المستعمرين المحتكرين بدأوا بالتحضير لهجوم على إيران، الأمر الذي يدعونا للحذر والجهوزية الكاملة»، مضيفاً «نتمنى أن لا يحصل ذلك، لكن الجهوزية تؤمن لنا الحماية والأمن».
وبحسب مصادر شديدة الإطلاع، فإن الأيام التي سبقت الاجتماع شهدت حراكا سياسيا على أعلى المستويات، ومشهد صلاة العيد والصفوف المتراصة التي تجمع الرئيسين الحالي والسابق، رفسنجاني ونجاد، جاءت في إطار توجيه رسائل من أعلى المستويات إلى الداخل والخارج، مضمونها أن الجمهورية الإسلامية «موحدة بقياداتها الحالية والتاريخية»، وان «أي كلام يخرج على وسائل الإعلام او لسان أي كان، لا يمكن ان يصرف على أرض الواقع لأن من يصورون على أنهم رؤوس الحراب المواجهة لبعضها البعض، موحدون خلف الولي الفقيه والنظام الإسلامي الذي يشكل المظلة التي يقف تحتها الجميع».
وتقول المصادر ان رفسنجاني ونجاد قد يكونان مختلفين حول قضايا عديدة، منها الشخصية، ومنها السياسية، ومنها الاقتصادية، لكن ذلك لا يعني اختلافهما على مصلحة الجمهورية الإسلامية وأساس وجودها، مشيرين الى «اتفاق تم مؤخرا ينظم الخلافات ويضعها تحت إشراف السيد خامنئي الذي يتعاطى مع الأطراف كافة من موقع واحد وهو موقع الأب الراعي لأبنائه والقائد الحريص على مصلحة الأمة التي يقودها».
وفي هذا الإطار، يقول مراقبون في العاصمة الإيرانية أن «حكمة المرشد وإصراره على تضييق المسافات بين طرفين رئيسيين في معادلة القوة الإيرانية وقدرة التأثير الكبيرة التي لديه، ساعدته على تحقيق أهدافه». ويرى هؤلاء ان نجاح خامنئي في مساعيه، سيعيد على المدى القصير تصويب البوصلة بعدما تاهت لأشهر ثلاثة.
ويلفت هؤلاء ايضا أن «جهدا مشابها» جرى على خط المرشحين الخاسرين في انتخابات الرئاسة مير حسين موسوي ومهدي كروبي الذين ينظر إليهما القائد حتى الآن من زاوية تاريخهما في الثورة وما قدماه خلال المرحلة الماضية، لكن هذا لا يعني أن يستمرا في الاحتجاجات «العبثية» التي أثبتت انها مبنية على «أسس هوائية» وهي لا تقدم للجمهورية الإسلامية إلا «مزيدا من التوتر الداخلي» في الوقت الذي تحتاج فيه البلاد للاستقرار لمواجهة التحديات الخارجية.
لكن مصادر الإصلاحيين ترفض هذا الكلام جملة وتفصيلا، وتعتبر ان «حقها في الاحتجاج على نتائج الانتخابات الرئاسية قائم، طالما أن الوضع لم يتغير»، مشيرة إلى استمرارها في التعبير الهادئ عن وجهة نظرها، من دون أن يعني ذلك «تعطيل البلاد وزعزعة الوضع الأمني». 
 

ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds