
إذن فغزة اليوم هي جبهة الصراع الأخيرة المشتعلة بين إسرائيل والعرب، وبإقفالها يدخل الصراع مرحلة جديدة يزداد فيها السقف إنخفاضا ومساحة ما تبقى من فلسطين إنكماشا وعرب الإعتدال تأثيرا، والطريق الوحيد لتحقيق ذلك يكون بحصارها بشكل خانق يمنع إذا أمكن الهواء من دخولها فكيف بالأموال والغذاء والسلاح.
في سبيل هذا الهدف، سخرت إسرائيل قدراتها العسكرية والأمنية، فأغلقت ما أمكن إغلاقة وقصفت ما أمكن قصفه، أما الحدود المتبقية فهي تحت السيطرة المصرية فكان إقفال معبر رفح. لكن إغلاق المعبر لم ينفع تماما في منع دخول السلاح إلى القطاع حيث لعبت الأنفاق التي تنتشر على طول الحدود دورا كبيرا في مد غزة بأوكسجين المقاومة ومواد الغذاء الأساسية.

بالنسبة للقاهرة كان الصراع الفلسطيني الفلسطيني مصدر قلق لاسيما مع تثبيت حماس أركان دولتها في غزة، لكن القلق هذا لم يتطور إلى حالة الهاجس، فكانت تغلق الأنفاق التي تجدها دون أن تسعى للبحث عن أنفاق أخرى، في حين أكدت لي مصادر أمنية مصرية أن المخابرات كانت تغض النظر أحيانا، وهو ما يبدو أن واشنطن وتل أبيب كانتا تعلمان به، فجهدتا في إطار جمع المعلومات وتقديمها لمصر بحيث تصبح أمام خيار واحد لا ثاني له وهو التحرك، وهو ما كان في قضية خلية حزب الله المصرية، حيث ذكرت صحيفة هارتز الإسرائيلية ان الموساد واجهزة المخابرات الأميركية زودتا القاهرة بمعلومات وافية عن نشاط الخلية وقد عمدت القاهرة فعلا إلى جمع المزيد من المعلومات والقبض على المشتبه بهم، ولا يستبعد أحد المراقبين أن تكون عناصر من الموساد والإستخبارات الأميركية قد حضرت التحقيقات لأهمية ما يمكن ان ينطق به عنصر من حزب الله في هكذا موقع.
القبض على الخلية جاء قبل شهر تقريبا من الحرب الإسرائيلية على غزة، وبدا واضحا أن كشفها جاء متأخرا بعدما تمكنت من إدخال السلاح والذخيرة وبعض الأفراد المدربين خير تدريب في الخارج إلى القطاع.
كانت الفترة الفاصلة بين القبض على المجموعة والحرب على غزة حبلى بالأحداث والعلاقة بين مصر وحزب الله كانت

وفورا تحولت القضية إلى معركة بالوكالة بين محور"الإعتدال العربي" ممثلا بمصر، ومحور "الممانعة والمقاومة" ممثلا بحزب الله وسخر كل طرف لحليفه كل الإمكانيات لاسيما وأنها دخلت تحت خانة كسر العظم وبدت مؤهلة من جانب لكسر صورة حزب الله والمحور الذي يمثله في الشارع العربي بشكل عام والمصري بشكل خاص، ومن جانب آخر لشن حملة شاملة على الأنفاق المؤدية إلى غزة وإقفالها وبالتالي حصار حماس وحكومتها في غزة وإستنزافها إلى مرحلة يصبح فيها الإستمرار في الممانعة رميا للنفس في التهلكة والاستسلام خير الحلول وأسلمها، وبالتالي تغلق آخر الجبهات المفتوحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق