الأحد، 20 فبراير 2011

ثورة الجيل

إحدى وثلاثون مرت من سنين عمري إعتدت فيها على صور وأسماء مضى عليها الزمن لكنها لم تتغير، إنتهت صلاحيتها الشعبية لكن الشعب لم يتسمم، إنقضت ساعتها لكنها لم تمض، تمردت على الأجل وكأنها عصية على الموت، حتى كانت الثورة.

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من المحيط إلى الخليج، لطالما سمعنا العبارة، لكننا لم نفهم، تماما كمن ولوا امرنا، لم نفهم معنى المحيط إلى الخليج، لم نأبه لكلمة ظلت  شرحت العبارة لوحدها، رأينا كيف تصرخ القاهرة فترجع الصدى عمان، وتنهض طرابلس مع صيحة صنعاء، وتخرج المنامة إذا ما ونادت الجزائر، للمرة الأولى شعرنا حقا بأننا امة، شعرنا لأن الثورة أيقظت فينا الإحساس بعدما هرمنا دون مشاعر.
سقط الأصنام، أسقطها شبان لطالما نظرت أمتهم إليهم على أنهم فاشلون، ملتحقون بركب "سخافة" إسمها الإنترنت، يضيعون وقتهم دون هدف، دون امل، دون رمز وشعار، حتى نحن جيل الإنترنت، اصحاب النوافذ الإلكترونية، والمقاهي الإفتراضية، المواكبين للعصر، عقمنا عن التفكير، عجزنا عن التخيل، ظلت صورة الثورة صورة نبحث عنها من أرشيف الأمم، دون ان نفكر لبرهة بأن بإمكاننا تقديم صورة جديدة مختلفة، عجزت وعجز غيري، اقولها بصراحة، لكن شبانا غيرنا من نفس جيلنا حققوا ما لم نفكر به حتى، للنجذب إلى ثورتهم ونتبعها عبر التويتر والفايسبوك نغذي صفحاتنا بأخبارها ومتتبعينا بأخر تطوراتها، لتلتحق وسائل الإعلام من اكبرها واكثرها إنتشارا إلى اصغرها واقلها إمكانية بالركب المبارك لثوار الأونلاين، ففتحت قناة الجزيرة مثلا هواءها لبث مباشر عبر الهاتف من خلال موقع إلكتروني يقدم الخدمة بجودة ضعيفة، بعدما أقفل مكتبها ومنعت من التصوير ومن إستعمال ألات البث المحترفة.
كلنا كنا في القاهرة حتى ونحن في بيروت وعمان والدوحة ولندن وواشنطن، كلنا إلتحقنا بالركب، واوجدنا لأنفسنا ميادين تحرير إفتراضية على اكثر من موقع وخدمة، إجتمعنا حين إجتمعوا وتبادلنا الأخبار والنصائح، بات احدنا على بعد مئات الكيلومترات يعرف الأخر ويلتقيه عبرالإنترت اكثر مما نلتقي بأهل بيتنا، معظمنا كان يعرف وائل غنيم على تويتر، وإفتقدناه عندما غاب ومررنا رسائل لبعضنا البعض للإطمئنان عليه وعلى غيره، رغم انه بالنسبة لمعظمنا مجرد إسم يظهر امامه على الشاشة مع بضعة كلمات هي كنه العلاقة التي تربطنا به وبغيره وتربطه بنا وبغيرنا، وكما في مصر كذلك في البحرين وليبيا واليمن والجزائر، شخصيات إفتراضية لا نعرف حتى إن كانت حقيقية نرتبط معها وتصبح جزءا من حياتنا اليومية، هم واقع على أرضهم، وهم إفتراض على حاسوبنا، لكن الإفتراض هذا صنع ثورة الواقع بأدواته التي ظلت حتى قبل أسابيع مثارا للتندر لدى جيل ابائنا واجدادنا، جيل زين العابدين بن علي التونسي وحسني مبارك المصري وعلي عبد الله صالح اليمني ومعمر القذافي الليبي  وحمد بن عيسى البحريني و عبد العزيز بوتفليقة الجزائري وغيرهم ممن  اكل الدهر عليهم وشرب واضحوا عليه عبئا، هم لم يأبهوا لنا، للشباب، لجيل التويتر والفايسبوك، إهتموا حصرا ببناء ترسانات امنية خوفا من مؤمرات وإنقلابات، وبناء أحزاب معارضة هشة وتعويم شخصيات غير ذي صلة بالشعوب، ليقطعوا الطريق على اي تغيير ديمقراطي، فجائتهم الصاعقة من حيث لا يحتسبون، ووجدوا انفسهم محاصرين بمن لم يظنوا يوما انهم يستحقون الإهتمام.
ثورة، نعم هي ثورة بكل المعايير، ثورة أسقطت أنظمة ، لكنها بالدرجة الأولى غيرت أنماط التفكير، أنهت صراعا طويلا بين جيلين، لم نعد أطفالا واصبح على الجميع من أبناء الجيل الذي سبقنا ان يفهم انه ضيف علينا، وان ادوات هذا العصر هي ادواتنا وان التغيير في هذا العصر لم ولن يأتي إلا بأساليبنا، لقد أن رسميا ان ينحى جيل النوستالجيا المرتبط بأمجاد مضى عليها الزمن ليترك الساحة لجيل آخر ظهرت أولى إنجازاته  بتحرير جنوبي لبنان عام 2000 ولن تنتهي بثورات التغيير 2011،  

ليست هناك تعليقات:

Al-Mayadeeen Feeds